Share Link:
إلى قضاة مصر و أحبارها و رهبانها
أخرجوا بناتنا و أعراضنا من تلك المعادلة الوضيعة
ذلك أنه إذا كان الشباب في كل أمة هم عدة حاضرها ، و أمل مستقبلها ، و معقد الرجاء من آمالها؛ فإن البنت فينا عنوان شرفنا ، و موضوع أعراضنا ، و الملهمة للكثير من عواطفنا النبيلة ، و الدافعة القوية لتحقيق الآمال ثمينها و رخيصها ، خلقها الله لتُنشأ في الحلية ، و جعل إليها أمر احتضان الحياة ؛ و تربية النشئ؛ و إمداد الدنيا بوقودها الطاهر من البنين و البنات ، فهى التربة للزارعين ، و المحضن للرعاة و المصلحين ، لا تصلح الحياة إلا بها ، ولا تدور معالم الأمور إلا عليها. بحبها يُحب كل شئ حتى عدو الحياة ان أحبته ، و ببغضها يصير كل حلو علقم. فيها وعنها نقل ابن القيم رحمه الله قول القائل:
وقف الهوى بي حيث أنتِ فليس لي
متأخًّرٌ عنه و لا متقدَّم
و أهنتِنى فأهنتُ نفسى جاهدا
يا من يهونُ عليك ممن يُكرَم
أشبهتِ أعدائى فصرتُ أحبهم
إذ كان حظي منكِ حظىَّ منهم
أجدُ الملامة في هواك لذيذةً
حُبّاً لذكرك فليلمني اللَّومُ
وبهذا وبمثله سارت الركبان في تاريخنا الأدبي والروحي، وبتشرب تلك المعانى تقدمت أمم و بجهلها انحط الكثيرون.
كان مما جاء عن نابليون " إن المرأة التى تهز مهد و ليدها بيمينها تهز بشمالها أركان العالم كله " و من هذه اليقظة على أمر البنت فيها بدأت فرنسا تاريخا جديداً بحلوه و مره بعد أن كانت تابعة ذليلة للكنيسة و لغيرها من شعوب أوروبا. ومن أسف أسيف ان نجد من ساستنا من يسترخص هذا العرض الغالي بعد أن كنا نحن مصدر رفعته بديننا وآدابنا الرفيعة التي عرفنا بها بين الأمم.
إن جبهة علماء الأزهر و هى تستعرض تلك الحقائق مع الحقيقة المرة التى غص بها ريق كل حرِّ على أرض مصر و في غيرها من هذا الحكم الجائر الصادم ، الجائر على بنات الأمة كلها و عرضها ، الصادم لكل ضمير حى، و المنغص لكل فؤاد سليم ، قانون يسجن به القاتل ثلاث سنين و قد تخفف عقوبته ، ويطلق سراح الملوثات خلقيا والملوثين ، وبهذا حكم جاء على من يعصم دماء المجرمين ، ثم به نفسه تسجن فلذات أكبادنا في الأسكندرية وغيرها من بنات الأزهر تسجن الواحدة أكثر من عشر سنين لأنها سارت مع السائرين تهتف بمشوقها و مشوق الأمة من حرية القول ،و تنادى على ضالتها من حرية الإرادة و الاختيار. فإذا بها مع لداتها ينزل بهن من قضاء مصر ما نزل. و هذا و ايم الله عارٌ مابعده عارٌ عار لن يمحوه كرُّ الليالي ومرُّ العشي .
كان المتنبي من قبل يقول :
عرفت الليالى قبل ما صنعت بنا فلما دهتنى لم تزدنى بها علماً
قال هذا و الأعراض فيهم مصانة ، و الحرمات – خاصة حرمات البنات – مقدسة.
و لذا فإنا نجد أن من الحق لنا اليوم بعد تلك ك الأحكام الجائرة في البنين و البنات بسبب القول و الاجتماع السلمى .. نقول : فلما دهتنى اِزددت بها غيظاً و قرفاً
يا قومنا:
- رجاؤنا الأول : صيانة لبقية مابقي للدولة من شرف أن تستفزكم تلك الجرائم لدفعها عن شرفكم و شرف أمتكم بل و شرف التاريخ أجمع ، انهضوا و اطلبوا فك أسار العذارى قبل أن يُسفح ما بقى من كرامتكم فيما ستسفح فيه عذريتهن و كرامتهن.
هذا رجاؤنا الأول إلى قضاة مصر ، و أحبارها ، و رهبانها .
- أما الرجاء الثانى : فهو إن عزَّ عليكم الاستجابة لهذا الرجاء فإننا نعرض عليكم أن تأخذونا مكان تلك العذارى من بنات الأمة إن كانت شهوة الأخذ و العسف مالكة محيطة و ذلك حتى تهد أسورة الانتقام و تخبو نيران الأحقاد ، و تستبصر الأمة معالم طريقها .
فما ترجى النفوس من زمن
أحمدُ حاليه غير محمود
- وإن لم يكن هذا و لا ذاك
فوالله ما في الناس خير
و لا الدنيا إذا ذهب الحياءَ
و لتردد الأمة خلف بناتها الأطهار قول المتنبي :
فإن الماء يخرج من جمادِ
و إن النار تخرج من زناد |